فإذا صار عنده تنحي عن مجلسه، و أجلسه بجانبه، و قد رتبت له كفاية لا تكون إلا للملوك- علي حد قول «الصفدي» فيه.
و يبدو أن هذه المعاملة، و هذا العيش الرغد لم يتبدلا بعد وفاة «رجار» (ت 548 ه/ 1154 م)، و أن «الإدريسي» قد عاش عيشة رغدة في كنف خلفه «غليالم الأول» - و إن تبدلت حال الدول- إلي أن قدرت وفاته هناك سنة ستين و خمسمائة للهجرة (64- 1165 م)، علي أرجح الأقوال.
و للأول منهما كان قيامه بأعباء تصنيف «نزهة المشتاق»، حيث أمضي في جمع و ترتيب مادته قرابة الخمسة عشر عاما، و للثاني كان اضطلاعه بتأليف «روض الأنس و نزهة النفس»، مختصرا فيه كتابه الأول.
نزهة المشتاق في إختراق الآفاق، مقدمةج 1، ص: 2
مصنفاته:
لم يكن الإدريسي- فيما نعلم- جغرافيا، خرائطيا- فقط- و إنما كان مع ذلك عالما متعدد المعارف و المهارات، تذكر له مشاركة في كثير من فروع العلم الأخري، كالصيدلة، و الطب، و النباتات، كما كان أديبا جيد الأدب، شاعرا..
يبدو أنه ترك في كلّ مؤلفات متعددة، و إن لم يبق منها أو من ذكراها سوي:
1- الجامع لأشتات النبات، و يعرف كذلك باسمي: «المفردات»، و «الأدوية المفردة».
و هو مؤلف دال علي علم واسع بالنباتات و الأعشاب و الأدوية، امتاز بالدقة في رسم أسماء العقار و وصف خصائصه، تحتفظ مكتبة الفاتح في استامبول بشطر منه، يحتوي علي ثمان و أربعين و مائة ورقة، تحت رقم: 3610، و عنه مصورة دار الكتب المصرية، ذات الرقم: 1524.
2- روض الأنس و نزهة النفس، أو المسالك و الممالك، و هو مخط.
مفقود حتي الآن، و إن بقي له مختصران، أحدهما في مكتبة حكيم أوغلو في استانبول برقم: 688، و