- هوية الكتاب
- اشارة
- المقدمة
- خطبة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) في المسجد
- روى عبد الله بن الحسن بإسناده عن آبائه (علیهم السلام):
- أنه لما أجمع أبو بكر وعمر على منع فاطمة (علیها السلام) فدكاً
- بلغها ذلك
- لاثت
- خمارها على رأسها واشتملت بجلبابها،
- وأقبلت
- في لمة
- من حفدتها ونساء قومها،
- تطأ ذيولها،
- ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (صلی الله علیه و آله)
- حتى دخلت
- على أبي بكر
- وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم،
- فنيطت دونها ملاءة،
- فجلست، ثم أنّت أنّةً،
- أجهش القوم لها بالبكاء
- فارتج المجلس،
- ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم،
- افتتحت الكلام بحمد الله
- والثناء عليه، والصلاة على رسوله
- فعاد القوم في بكائهم
- فلما أمسكوا عادت في كلامها،
- فقالت (علیها السلام): «الحمد لله على ما أنعم،
- وله الشكر على ما ألهم،
- والثناء بما قدم،
- من عموم نعم
- ابتداها،
- وسبوغ آلاء
- أسداها وتمام منن أولاها،
- جم عن الإحصاء عددها،
- ونأى عن الجزاء أمدها،
- وتفاوت عن الإدراك أبدها،
- وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها،
- واستحمد إلى الخلائق بإجزالها، وثنى بالندب إلى أمثالها.
- وأشهد أن لا إله إلا الله
- وحده لا شريك له،
- كلمةً جعل الإخلاص تأويلها،
- وضمن القلوب موصولها، وأنار في التفكر معقولها،
- الممتنع من الأبصار رؤيته، ومن الألسن صفته،
- ومن الأوهام كيفيته،
- ابتدع الأشياء لا من شي ء كان قبلها، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها،
- كونها بقدرته، وذرأها بمشيته،
- من غير حاجة منه إلى تكوينها،
- ولا فائدة له في تصويرها،
- إلاّ تثبيتاً لحكمته،
- وتنبيهاً على طاعته،
- وإظهاراً لقدرته،
- وتعبداً لبريته،
- وإعزازاً لدعوته،
- ثم جعل الثواب على طاعته،
- ووضع العقاب على معصيته،
- ذيادةً لعباده من نقمته،
- وحياشةً لهم إلى جنته ،
- وأشهد أن أبي محمداً عبده ورسوله،
- اختاره قبل أن أرسله،
- وسماه قبل أن اجتباه،
- واصطفاه قبل أن ابتعثه، إذ الخلائق بالغيب مكنونة، وبستر الأهاويل مصونة، وبنهاية العدم مقرونة،
- علماً من الله تعالى بمآيل الأمور ، وإحاطة بحوادث الدهور، ومعرفة بمواقع الأمور
- ابتعثه الله إتماماً لأمره،
- وعزيمةً على إمضاء حكمه، وإنفاذاً لمقادير حتمه،
- فرأى الأمم فرقاً في أديانها،
- عكفاً على نيرانها، عابدة لأوثانها،
- منكرة لله مع عرفانها،
- فأنار الله بأبي محمد (صلی الله علیه و آله) ظلمها،
- وكشف عن القلوب بهمها،
- وجلى عن الأبصار غممها،
- وقام في الناس بالهداية،
- فأنقذهم من الغواية، وبصّرهم من العماية،
- وهداهم إلى الدين القويم،
- ودعاهم إلى الطريق المستقيم.
- ثم قبضه الله إليه قبض رأفة واختيار، ورغبة وإيثار،
- فمحمد (صلی الله علیه و آله) من تعب هذه الدار في راحة،
- قد حف بالملائكة الأبرار، ورضوان الرب الغفار، ومجاورة الملك الجبار،
- صلى الله على أبي،
- نبيه وأمينه، وخيرته من الخلق وصفيه،
- والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.
- ثم التفتت (علیها السلام) إلى أهل المجلس وقالت:
- أنتم عباد الله
- نصب أمره ونهيه،
- وحملة دينه ووحيه،
- وأمناء الله على أنفسكم،
- وبلغاءه إلى الأمم،
- زعيم حق له فيكم
- وعهد قدمه إليكم،
- وبقية استخلفها عليكم
- كتاب الله الناطق،
- والقرآن الصادق،
- والنور الساطع، والضياء اللامع،
- بينة بصائره، منكشفة سرائره، منجلية ظواهره،
- مغتبطة به أشياعه،
- قائداً إلى الرضوان أتباعه،
- مؤدٍ إلى النجاة استماعه،
- به تنال حجج الله المنورّة،
- وعزائمه المفسّرة،
- ومحارمه المحذّرة،
- وبيّناته الجالية , وبراهينه الكافية
- وفضائله المندوبة،
- ورخصه الموهوبة،
- وشرائعه المكتوبة ،
- فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك،
- والصلاة تنزيهاً لكم
- عن الكبر،
- والزكاة تزكية للنفس،
- ونماءً في الرزق،
- والصيام تثبيتاً للإخلاص،
- والحج تشييداً للدين
- والعدل تنسيقاً للقلوب
- وطاعتنا نظاماً للملة،
- وإمامتنا أماناً للفرقة
- والجهاد عزاً للإسلام
- والصبر معونة على استيجاب الأجر
- والأمر بالمعروف مصلحة للعامة،
- وبر الوالدين وقاية من السخط
- وصلة الأرحام منسأة في العمر، ومنماة للعدد
- والقصاص حقناً للدماء،
- والوفاء بالنذر تعريضاً للمغفرة
- وتوفية المكاييل والموازين تغييراً للبخس
- والنهي عن شرب الخمر تنزيهاً عن الرجس،
- واجتناب القذف حجاباً عن اللعنة
- وترك السرقة إيجاباً للعفة
- وحرم الله الشرك إخلاصاً له بالربوبية
- ف اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ
- وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
- وأطيعوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه،
- فإنه «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ»
الفقه موسوعة استدلالية في الفقه الإسلامي من فقه الزهراء (علیها السلام) المجلد 2
هوية الكتاب
الفقه موسوعة استدلالية في الفقه الإسلامي من فقه الزهراء (علیها السلام)
المجلد الثاني : خطبتها علیها السلام في المسجد 1
المرجع الديني الراحل آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله درجاته)
ص: 1