حتي ارتعدت مفاصلي، فقد تملكتني حالة من الرهبة و الخشوع لم اعهدهما في نفسي من قبل، فتذكرت حينها ما كان يعتري امامك عليه السّلام من رهبة و اصفرار لون و تعثر لسان و تلكؤ ساعة التلبية خشية من اللّه عزّ و جل و فرقا منه.
و مذ أحرمت فقد وجب عليّ أن اترك مجامعة النساء و تقبيلهن، و استعمال الطيب، و النظر في المرآة للزينة، و لبس المخيط (للرجال) و الجورب (للرجال) و ستر الرأس (للرجال)، و غيرها مما نصت عليه كتب الفقه.
- و بعد أن أحرمت؟
- بعد ان أحرمت توجهت إلي مكة المكرمة و انا متطهر، لأطوف حول البيت العتيق أشواطا سبعة مبتدئا بالحجر الاسود و مختتما به، مصليا بعد فراغي من الطواف ركعتين كصلاة الصبح خلف مقام إبراهيم عليه السّلام.
حواريات فقهية، ص: 173
بعد ذلك توجهت للسعي بين الصفا و المروة أشواطا سبعة كذلك مبتدئا بالصفا و مختتما بالمروة.
و لما أتممت شوطي السابع بالمروة قصّرت فقصصت شيئا من شعر رأسي و بالتقصير أتممت عمرة الحج، و تحللت من إحرامي منتظرا حلول اليوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية) لأحرم من مكة نفسها مرة أخري، و لكن الإحرام للحج هذه المرة لا للعمرة.
و ما ان حل اليوم الثامن حتي لبست مئزري و قميصي ثانية، و نويت لإحرام الحج، و لبيت، ثم توجهت ل (عرفات) بسيارة مكشوفة حيث يجب عليّ ان أقف و أكون هناك، بدءا من أول ظهر اليوم التاسع من ذي الحجة إلي غروب الشمس.
و لما غربت شمس اليوم التاسع و انا بعرفات، توجهت إلي (المزدلفة) فبت فيها ليلة العاشر من ذي الحجة، إلي طلوع الفجر [حيث يجب عليّ أن أكون في المزدلفة من منتصف