نظرة في حركية الممارسة الامامية عند الامام جعفر الصادق عليه السلام

اشارة

المؤلف: وجيه فانوس

الناشر : وجيه فانوس

طبع في سنة: 1412 ه

من كتاب: الامام جعفر الصادق، دراسات و أبحاث

في حركية عصر الامام الصادق

بسم الله الرحمن الرحيم عاش الامام جعفر الصادق (ع) في مرحلة هامة جدا من مراحل الحياة الاسلامية التي كانت تشهد تطورات أساسية في تاريخها. لقد عاصر الامام الحقبة الأخيرة من زمن العصر الأموي، بكل ما تميزت به هذه المرحلة من تنقل سريع في السلطة بين أشخاص الأسرة الأموية الذين كانوا يتهالكون علي منصب الخلافة، و يستهينون في سبيل هذا المنصب بكل أمر. و من جهة ثانية، فقد عاصر الصادق (ع) بدايات تأسيس الحكم العباسي، بكل ما رافق هذا التأسيس من دعوة الي الانقضاض علي الحكم الأموي، و من دعوة الي الرضا من آل البيت، ثم تحول في هذه الدعوة الي بناء خلافة لبني العباس تحكمها قوي سياسية تميل الي العنف و البطش و سفك الدماء مع كل قوة معارضة بما في ذلك آل البيت. و كما عايش الامام (ع) هذا التنوع السياسي في الحياة الاسلامية، فقد عايش، كذلك، بدايات جديدة في التفتح العقلي في الفكر الاسلامي الذي كان يتعرف علي تيارات عقدية متنوعة متعددة. و كان هذا الفكر الاسلامي علي المحك أمام آراء و نظريات غريبة عنه، أو وافدة اليه من حضارات مختلفة ليس [ صفحه 236] أقلها حضارتا اليونان و الفرس بكل ما تخترناه من تراث انساني ممض في عراقته و عمقه. هذا التنوع الشديد والسريع في حركة العصر، عهد ذاك، دفع بايقاع الحياة لأن يكون خادما للأغراض الدنيوية أكثر منه خادما للأغراض الأخروية. و يبدو أن سرعة حركة العصر قد أنست كثيرا من ناسة ضرورة التروي و الميل الي الهدوء في قياس الأمور، و انستهم، فيما