بذلت من الجهد _ للجواب هذا الكتاب. وبعد: فهذا عرض وجيز في هذه المواضيع، تلقيّته من اُمّهات المصادر التأريخيّة عسي أن أكون محلّلا بعض هذه الأبحاث ومؤدّياً لبعض ما يجب عليّ تجاه هذه الثورة المقدّسة. ووطيد الأمل: أن يجوز رضي المتأمّلين فيه. وأسأل الله أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم انّه قريب مجيب:كربلاء المقدّسة 3 / 12 / 1385محمّد الرضا الحسيني الجلالي [ صفحه 4]
تمهيد
إنّ ثورة سيّد الشهداء (عليه السلام) من الحركات الإصلاحية التي حازت السبق في ميادين الخلود والذكر، وفاقت كلّها، للحق غناءً وخصباً. فعلينا إذا أردنا الإحاطة بها ومعرفة فلسفتها أن نعرف: أوّلا: _ البيئة التي قامت فيها الثورة. ثانياً: _ السلطة المسيطرة في ذلك الأوان. أمّا: بيئة الثورة فبإمكاننا أن نلخّصها تحت كلمة وسيعة المحيط، عميقة الغور؛ «الخمود» بجميع معانيه:1 _ الخمود الديني: حيث لم يبق للإسلام إلاّ اسمه، وللقرآن إلاّ رسمه، ومعالم الدين منطمسة، وأعلامه منكّسة، لا حرمة لمظاهر، ولا ذكر عن مآثره.2 _ الخمود العلمي: حيث لم يقم فيه المسلمون بعمل يذكر بحسن في التأريخ، والتأخّر مسيطر عليهم في كلّ اُمورهم؛ فلا فتح، ولا ظفر، ولا ثقافة، ولا ثروة. إلاّ الخسائر المتعاقبة من كلّ الجهات.3 _ الخمود الفكري: حيث لم ينشأ فيها مفكّر بصير، أو مخترع يفتخر به. إلاّ قتل الأحرار من المفكّرين، وإخلاء الأرض منهم.4 _ خمود القوّة في الاُمّة: حيث لم يوجد فيها من يحفزهم إلي جمع الشمل ونبذ البغضاء، أو من يفكّر في تحريرهم من ذلك الهوان، أو من يقدم إلي تحسين الحالة الإجتماعية السوأي حينذاك. فالخوف مطبق علي حركاتهم وسكناتهم، لا يتمكّنون الفرار منه. إلي غير هذه ممّا يدخل في مفهوم «الخمود» الوسيع». وامّا: السلطة