الَّذيِ يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلاّ بِإذْنِهِ....» (البقرة / 255). تقسم الشفاعة الصحيحة إلي قسمين اثنين: الشفاعة التكوينية، والشفاعة التشريعية.
الشفاعة التكوينية
بما أن الله تعالي هو المبدأ الاول لكل علة ومعلول، وأن كل علة ترجع في النهاية إليه، فإن جميع العلل والاسباب أمور وسيطة بينه وبين غيره الذي يوصل رحمته الواسعة إلي الكائنات. وبناء علي ذلك يكون الله، من الناحية التكوينية، مبدأ كل خير ورحمة. ثمة آيات من القرآن الكريم تحكي عن هذا القسم من الشفاعة: «إنّ رَبَّكُمُ اللّهُ الّذِي خَلَقَ السَّمواتِ وَالأرْضَ في سِتَّةِ أيّامٍ ثُمَّ اسْتَوي عَلي الَعرْشِ يُدَبِّرُ الأَمرَ. مامِنْ شَفِيعٍ إلاّ مِنْ بَعْدِ إذْنِهِ» (يونس / 3). الحقيقة هي أن كل تدبير ينتهي إلي الله، من دون أي عون من الآخرين. لذلك فما من أحد بقادر علي التوسط والتشفع إلا بإجازة من الله، وما من سبب إلاّ وكان هو مسببها، والشفعاء إنما يشفعون بإذنه. إن المقصود بالشفيع في الآية هو العلل والاسباب الطبيعية. فما من علة أو سبب يمكن أن يكون مؤثراً من دون ارادة الله الحكيمة ومن دون الاستعانة بقدرته غيرالمتناهية [3] . «اللّه الَّذي خَلَقَ السَّمواتِ وَالاَءرْضَ وَمابَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أيّام ثُمَّ اسْتَوي عَلي الَعْرشِ مالَكُمْ مِنْ دْونِهِ مِنْ وَلِيّ وَلا شَفِيعٍ أفَلا تَتَذُكَّرُونَ (السجدة / 4). وهذا يعني أن المقصود هو مالك تدبير الشي ء، وأن الأمور تقع تحت تدبير نظام، مهما يكن، من الخصائص الموجودة في خلق كل شيء، والخلق، مهما يكن، يستند الي الله تعالي. فاذا كان خالق الاسباب واجزائها والرابط فيما بينها هو الله، فإذن يكون هو الشفيع الحقيقي الذي يكمل نقص كل علة، فلا شفيع سوي الله شفاعة تكوينية. كمايمكن ان يقال ايضاً إن الله يشفع ببعض